الاتحادات الرياضية العربية مصابة بالارتعاشة بسبب أنفلونزا الاختيارات السيئة ..ترتبك بشكل كبير ...وترتفع درجة الحمى لدى أعضائها إذا لم يختاروا السئ إن لم نقل الأسوأ.
بعضهم يكون وراء وفاة الميت ، ومع ذلك تجده يمشي في جنازته ، يذرف الدموع على فراقه ليكون بعد ذلك ، اول الناهشين في لحمه وتعرية مساوئه ..
بعض الاتحادات ترى الأمور بالمقلوب ، تفرض زيدا أو ناقصا في مناصب المسؤولية ..تمنحه دفة تسيير منتخبات ...على الرغم من علمها المسبق بأنه رجل عادي ..حتى لا نقول مدربا تحت خط الفقر فنيا وتربويا إن لم نقل أشياء أخرى !
في المغرب جربت الاتحادات المتعاقبة على شؤون تدبيره أغلب المدارس الكروية ، ولم يبق لها سوى منح الفرصة لمدربين من النيبال أو الهندوراس ، قبل أن تدرك بأنها تملك فنيين من العيار الثقيل ، قادرين على إعادتها إلى سكة التألقات ، وحصد الانتصارات ، والإبحار بها إلى مرافئ الإنجازات .
في مونديال الشباب بهولندا ، أبهر المغرب عيون العالم ، وصفق العرب من المحيط إلى الخليج لشباب قادم من مجهول اسمه بطولة هاوية ، ودوري لفئة لا يعترف بها الاتحاد المحلي ، لأنها على الهامش ، ومع ذلك انفجرت قنبلة مواهب من ذهب ، حفرت اسمها بقوة التألق في ذاكرة المتتبعين .
لم يكن المسؤول عن تلك اللآلئ ، سوى فتحي جمال لاعب الرجاء البيضاوي السابق ، الذي تحدى كل المصاعب وتجاوز العراقيل التي نصبها أمامه أعضاء من الاتحاد من خلال عدم الاستجابة لمتطلبات التحضير وإلغاء مباريات ودية ، بداعي التقشف! وأن المشاركة ستكون شكلية فقط !
وفي كأس إفريقيا للأمم الأخيرة بتونس ، كان المنتخب المغربي على مرمى حجر من التتويج الذي غاب عنه منذ 1976 ، ولم يكن الربان سوى المدرب بادو الزاكي ، الذي زرع الأفراح في بيوت وشوارع المغرب ، وخصص استقبال من العيار الثقيل لأسود الأطلس ، على الرغم من أنهم لم يعودوا بالكأس الغالية ، ولكنهم أحيوا ثقة المغاربة في منتخبهم .
قبل أيام أقالوا الفرنسي تروسييه بعدما قبلوا في وقت سابق استقالة الزاكي ، ولم يفكر أغلبهم في الاستقالة ، ولم يمتلك أحد شجاعة إقالتهم ، لأن ما اقدم عليه نائب الرئيس محمد اوزال وسكرتير الاتحاد عمور ، بعدما أعلنا تخليهما عن منصبيهما لا يكفي ، لأن المسألة أعمق من ذلك ، والعلاج لا يكمن في بتر جزء من الكل .
إنهم خالدون..في مقاعد المسؤولية نائمون ... متمسكون بالنواجد والحوافر والأظافر على كراسيهم الوتيرة ، لأنها تبيض ذهبا ، وتفرخ سمعة وأسفارا ، وقيادة واحتلالا للمواقع الأولى في الإعلام بكل مشاربه ، بما فيها الإذاعة الشفهية الأكثر تداولا واستماعا في المغرب .
قوتهم في تصريحاتهم ، حيث تستمع لخطب " عصماء " ، فتخال بانك أمام فتوحات قادمة ، تذكرنا بالزمن الغابر للقائد طارق بن زياد !
بعضهم لم يلبس " شورتا " في حياته ولم يركض 100 متر قط ، ولا يميز بين التكتيك والتكنيك والميكانيك ولا يميز بين العجلة والعربة ، ولا غرابة في ذلك مادام المنطق السائد هو منح كراسي المسؤولية للزبانية الذين لا يتقنون شيئا آخر غير لغة الوشاية !
لا أريد فتح الجراح لأنها مفتوحة أصلا ، لأن بطولة عرجاء تسير بعكازي الهواية ، ووجود إداريين خارج مساحات الزمان ، يدعو فعلا إلى تفكير جدي في علاج رجالات الاتحاد ، قبل الحديث عن طبيعة العلاج الذي تحتاجه اللعبة في البلاد .، والعلاج الوحيد يكمن في تقديم استقالة جماعية ، وإجراء انتخابات نزيهة ، ونفي لعبة التعيينات المزاجية .
لا أتحدث من فراغ واسألوا اهل الكرة في المغرب فسيأتيكم الرد اليقين ، لأن الاتحاد ينبغي ان يسير من طرف نجوم سابقين ولاعبين تركوا بصمتهم على الملاعب ، ولم يرضوا بالتألق على المستوى الرياضي فحسب وإنما على المستوى الأكاديمي أيضا فنالوا أعلى الشهادات ، وجمعوا بين الحسنتين ، إلا أنهم اختاروا غربة الزمان والمكان .